Ianah tolibin [ 1 ]
http://www.shamela.ws تم إعداد هذا الملف آليا بواسطة المكتبة الشاملة حاشية إعانة الطالبين على حل ألفاظ فتح المعين لشرح قرة العين بمهمات...
https://kitabgundul.blogspot.com/2011/05/ianah-tolibin.html
http://www.shamela.ws
تم إعداد هذا الملف آليا بواسطة المكتبة الشاملة
حاشية إعانة الطالبين على حل ألفاظ فتح المعين لشرح قرة العين بمهمات الدين أبي بكر ابن السيد محمد شطا الدمياطي سنة الولادة / سنة الوفاة تحقيق الناشر دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع سنة النشر مكان النشر بيروت عدد الأجزاء
كتاب إعانة الطالبين | 1 ____________________
(1/1)
المقدمة الحمد لله الذي أوضح الطريق للطالبين وسهل منهج السعادة للمتقين وبصر بصائر المصدقين بسائر الحكم والأحكام في الدين ومنحهم أسرار الإيمان وأنوار الإحسان واليقين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك الحق المبين وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله الصادق الوعد الأمين القائل من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد فيقول أفقر الورى إلى ربه ذي العطا أبو بكر ابن المرحوم محمد شطا إنه لما وفقني الله تعالى لقراءة شرح العالم العلامة العارف الكامل مربي الفقراء والمريدين والأفاضل الجامع لأصناف العلوم الحاوي لمكارم الأخلاق مع دقائق الفهوم الشيخ زين الدين ابن الشيخ عبد العزيز ابن العلامة الشيخ زين الدين مؤلف هداية الأذكياء إلى طريق الأولياء ابن الشيخ علي ابن الشيخ أحمد الشافعي المليباري الفناني المسمى بفتح المعين بشرح قرة العين بمهمات الدين بمحفل من طلاب العلم العظام تجاه البيت الحرام كتبت عليه هوامش تحل مبناه وتبين معناه ثم بعد تمام القراءة طلب مني جملة من الأصدقاء والخلان أصلح الله لي ولهم الحال والشان تجريد تلك الهوامش وجمعها فامتنعت من ذلك لعلمي بأني لست ممن يرقى تلك المسالك واعترافي بقلة بضاعتي وإقراري بعدم أهليتي فلما كرروا علي الطلب توسلت بسيد العجم والعرب فجاءت البشارة بالإشارة وشرعت في التجريد والجمع مستعينا بالملك الوهاب وملتمسا منه التوفيق وللصواب رجاء أن يكون تذكرة لي وللأحباب وأن ينفعني به والأصحاب فالله هو المرجو لتحقيق رجاء الراجين وإنجاح حاجات المحتاجين وسميته إعانة الطالبين على حل ألفاظ فتح المعين واعلم أيها الواقف على الجمع المذكور أنه ليس لي فيه إلا النقل من كلام الجمهور والإتيان في ذلك بالشيء المقدور فالميسور كما قيل لا يسقط بالمعسور وأن عمدتي في ذلك التحفة وفتح الجواد شرح الإرشاد والنهاية وشرح الروض وشرح المنهج وحواشي ابن قاسم وحواشي الشيخ علي الشبراملسي وحواشي البجيرمي وغير ذلك من كتب المتأخرين وكثيرا ما أترك العزو خوفا من التطويل ثم ما رأيته من صواب في أي مطلب فهو من تحرير الأئمة أهل المذهب وما رأيته من خطأ فمن تخليط حصل مني أو وهم صدر من سوء فهمي فالمسؤول ممن عثر على شيء من الخلل أن يصلحه ويسامح فيما قد يظهر من الزلل وما أحسن ما قيل وإن تجد عيبا فسد الخللا فجل من لا عيب فيه وعلا 4 ____________________
(1/2)
ونسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يوفقنا لمرضاته ويسبل علينا ذيل كراماته وأن يعيننا على الإكمال وأن ينفع به كما نفع بأصله إنه ذو الجود والإفضال وأن يجعل ذلك خالصا لوجهه الكريم وموجبا للفوز لديه بجنات النعيم إنه على ذلك قدير وبالإجابة جدير وها أنا أشرع في المقصود بعون الملك المعبود فأقول وبالله التوفيق لأحسن الطريق ( قوله بسم الله الرحمن الرحيم ) قد أفردها بالتأليف من لا يحصى من العلماء وأبدى فيها وأبدع من لا يستقصى من النبلاء ومع ذلك ما بلغوا معشار ما انطوت عليه من لطائف الأسرار ونكات التفسير إذ لا يحيط بتفضيله وجمله إلا اللطيف الخبير كيف ذلك وقد قال الإمام علي كرم الله وجهه لو طويت لي وسادة لقلت في الباء من بسم الله الرحمن الرحيم وقر سبعين بعيرا وفي رواية عنه لو شئت لأوقرت لكم ثمانين بعيرا من معنى بسم الله الرحمن الرحيم ولكن ينبغي التكلم عليها من جنس الفن المشروع فيه وفاء بحقها وبحق الفن المشروع فيه والآن الشروع في فن الفقه الباحث عن الأحكام الشرعية فيقال البسملة مطلوبة في كل أمر ذي بال أي حال يهتم به شرعا بحيث لا يكون محرما لذاته ولا مكروها كذلك ولا من سفاسف الأمور أي محقراتها فتحرم على المحرم لذاته كالزنا لا لعارض كالوضوء بماء مغصوب وتكره على المكروه لذاته كالنظر لفرج زوجته لا لعارض كأكل البصل ولا تطلب على سفاسف الأمور ككنس زبل صونا لاسمه تعالى عن اقترانه بالمحقرات والحاصل أنها تعتريها الأحكام الخمسة الوجوب كما في الصلاة عندنا معاشر الشافعية والاستحباب عينا كما في الوضوء والغسل وكفاية كما في أكل الجماعة وكما في جماع الزوجين فتكفي تسمية أحدهما كما قال الشمس الرملى أنه الظاهر والتحريم في المحرم الذاتي والكراهة في المكروه الذاتي والإباحة في المباحات التي لا شرف فيها كنقل متاع من مكان إلى آخر كذا قيل وإنما افتتح الشارح كتابه بالبسملة اقتداء بالكتاب العزيز وعملا بقوله صلى الله عليه وسلم كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم فهو أبتر أو أقطع أو أجذم والمعنى على كل أنه ناقص وقليل البركة وقلة البركة في كل شيء بحسبه فقلتها في نحو التأليف قلة انتفاع الناس به وقلة الثواب عليه وفي نحو الأكل قلة انتفاع الجسم به وفي نحو القراءة قلة انتفاع القارىء بها لوسوسة الشيطان له حينئذ وأتبع ذلك بالحمدلة عملا بقوله صلى الله عليه وسلم كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بالحمد لله فهو أبتر أو أقطع أو أجذم وقوله في الحديث فهو أبتر إلخ هو عند الجمهور من باب التشبيه البليغ وعلى هذا فالأبتر وما بعده باقية على معانيها الحقيقية وعند السعد يجوز أن يكون من باب الاستعارة بأن يشبه النقص المعنوي بالنقص الحسي الذي هو قطع الذنب أو قطع إحدى اليدين أو الجذم بفتحتين ويستعار البتر أو الجذم أو القطع للنقص المعنوي ويشتق منه أبتر أو أقطع أو أجذم بمعنى ناقص نقصا معنويا فإن قلت بين الحديثين تعارض لأنه إن عمل بحديث البسملة فات العمل بحديث الحمدلة وإن عمل بحديث الحمدلة فات العمل بالآخر قلت قد ذكر العلماء لدفع التعارض أوجها كثيرة فمن جملتها أن الابتداء قسمان حقيقي وإضافي أي نسبي والأول هو ما تقدم أمام المقصود ولم يسبقه شيء والإضافي ما تقدم أمام المقصود وإن سبقه شيء وقال عبد الحكيم إنه يشترط في الإضافي أن يسبقه شيء وحمل حديث البسملة على الأول والحمدلة على الثاني تأسيا بالكتاب العزيز وعملا بالإجماع واعلم أنه جاء في فضل البسملة أحاديث كثيرة غير الحديث المتقدم روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال أول ما كتب القلم بسم الله الرحمن الرحيم فإذا كتبتم كتابا فاكتبوها أوله وهي مفتاح كل كتاب أنزل ولما نزل بها جبريل أعادها ثلاثا وقال هي لك ولأمتك فمرهم أن لا يدعوها في شيء من أمورهم فإني لم أدعها طرفة عين مذ نزلت على أبيك آدم وكذلك الملائكة وروي أنها لما نزلت هرب الغيم إلى المشرق وسكنت الرياح وهاج البحر وأصغت البهائم بآذانها ورجمت الشياطين وحلف الله بعزته وجلاله أن لا يسمى اسمه على مريض إلا شفاه ولا يسمى اسمه على شيء إلا بارك فيه وروي أن رجلا قال بحضرته صلى الله عليه وسلم تعس الشيطان فقال له عليه الصلاة والسلام لا تقل ذلك فإنه يتعاظم عنده أي عند هذا القول ولكن قل ____________________
(1/3)
بسم الله الرحمن الرحيم فإنه يصغر حتى يصير أقل من ذبابة وروي من أراد أن يحيا سعيدا ويموت شهيدا فليقل عند ابتداء كل شيء بسم الله الرحمن الرحيم أي كل شيء ذي بال بدليل الحديث المتقدم وروي بسم الله الرحمن الرحيم أم القرآن وهي أم الكتاب وهي السبع المثاني قال العلامة الصبان في رسالته على البسملة لعل وصفها بهذا باعتبار اشتمالها على معاني الفاتحة اه وعدد حروف البسملة الرسمية تسعة عشر حرفا وعدد خزنة النار تسعة عشر خازنا كما قال الله تعالى { عليها تسعة عشر } قال ابن مسعود فمن أراد أن ينجيه الله من الزبانية التسعة عشر فليقرأ البسملة فيجعل الله له بكل حرف منها جنة بضم الجيم أي وقاية من كل واحد منهم فإنهم يقولونها في كل أفعالهم فبها قوتهم وبها استضلعوا وعن علي رضي الله عنه مرفوعا ما من كتاب يلقى في الأرض وفيه بسم الله الرحمن الرحيم إلا بعث الله ملائكة يحفون عليها بأجنحتهم حتى يبعث الله وليا من أوليائه يرفعه فمن رفع كتابا من الأرض فيه البسملة رفع الله اسمه في أعلى عليين وغفر له ولوالديه ببركتها وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال من قرأ بسم الله الرحمن الرحيم وكان مؤمنا سبحت معه الجبال إلا أنه لا يسمع تسبيحها وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال إذا قال العبد بسم الله الرحمن الرحيم قالت الجنة لبيك اللهم وسعديك إلهي إن عبدك فلانا قال بسم الله الرحمن الرحيم اللهم زحزحه عن النار وأدخله الجنة وروي أن الكتب المنزلة من السماء إلى الأرض مائة وأربعة أنزل على شيث ستون وعلى إبراهيم ثلاثون وعلى موسى قبل التوراة عشرة والتوراة والإنجيل والزبور والفرقان وأن معاني كل الكتب مجموعة في القرآن ومعانيه مجموعة في الفاتحة ولهذا سميت أم الكتاب ومعانيها مجموعة في البسملة ومعانيها مجموعة في بائها ومعناها بي كان ما كان وبي يكون ما يكون والمراد الجمع ولو إجمالا بطريق الإيماء وإنما جمعت الفاتحة جميع معاني القرآن لأن كل ما فيه من الحمد والشكر والثناء فهو مندرج تحت قوله الحمد لله وكل ما فيه من الخلائق فهو تحت كلمة رب العالمين وكل ما فيه من الرحمة والعطاء فهو تحت كلمة الرحمن وكل ما فيه من ذكر العفو والمغفرة فهو تحت كلمة الرحيم وكل ما فيه من أوصاف القيامة فهو تحت كلمة مالك يوم الدين وكل ما فيه من بيان الهداية والدعاء والثبات على الإسلام فهو تحت كلمة إهدنا الصراط المستقيم وكل ما فيه من بيان صفات الصالحين فهو تحت كلمة صراط الذين أنعمت عليهم وكل ما فيه من الغضب فهو تحت كلمة غير المغضوب عليهم وكل ما فيه من ذكر الأهواء والبدع فهو تحت كلمة ولا الضالين ووجه بعضهم كون معاني البسملة في الباء بأن المقصود من كل العلوم وصول العبد إلى الرب هذه الباء لما فيها من معنى الإلصاق تلصق العبد بجناب الرب زاد بعضهم ومعاني الباء في نقطتها ومعناها أنا نقطة الوجود المستمد مني كل موجود وروي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال البسملة فاتحة كل كتاب وفي رواية بسم الله الرحمن الرحيم مفتاح كل كتاب فإن قيل إن هذه الرواية والتي قبلها يفهمان أن كل كتاب أنزل مشتمل على معاني القرآن لأنه مشتمل على البسملة المشتملة على معاني الفاتحة المشتملة على معاني القرآن والرواية التي قبلهما تفهم خلاف ذلك بل تفهم أنها لم توجد في غير القرآن رأسا فالجواب أن البسملة المفتتح بها كل الكتب المنزلة لم تكن بهذا اللفظ العربي على هذا الترتيب والمفتتح بها القرآن المجيد بهذا اللفظ العربي على هذا الترتيب ويجوز أن يكون لكونها بهذا اللفظ العربي وهذا الترتيب لها دخل في اشتمالها على معاني القرآن فلا يلزم حينئذ من اشتمال الكتب عليها بغير هذا اللفظ وهذا الترتيب اشتمال كل كتاب على معاني القرآن ولا يرد ما وقع في سورة النمل عن سيدنا سليمان في كتابه لبلقيس من أنها بهذا اللفظ العربي وهذا الترتيب لأن ذلك كان ترجمة عما في كتابه لها ومما يتعلق بالبسملة من المعاني الدقيقة ما قيل إن الباء بهاء الله والسين سناء الله والميم مجد الله وقيل الباء بكاء التائبين والسين ____________________
(1/4)
سهو الغافلين والميم مغفرته للمذنبين وقال بعض الصوفية الله لأهل الصفاء الرحمن لأهل الوفاء الرحيم لأهل الجفاء والحكمة في أن الله سبحانه وتعالى جعل افتتاح البسملة بالباء دون غيرها من الحروف وأسقط الألف من اسم وجعل الباء في مكانها أن الباء حرف شفوي تنفتح به الشفة ما لا تنفتح بغيره ولذلك كان أول انفتاح فم الذرة الإنسانية في عهد ألست بربكم بالباء في جواب بلى وأنها مكسورة أبدا فلما كانت فيها الكسرة والانكسار في الصورة والمعنى وجدت شرف العندية من الله تعالى كما قال أنا عند المنكسرة قلوبهم بخلاف الألف فإن فيها ترفعا وتكبرا وتطاولا فلذلك أسقطت وخصت التسمية بلفظ الجلالة ولفظ الرحمن ولفظ الرحيم ليعلم العارف أن المستحق لأن يستعان به في جميع الأمور هو المعبود الحقيقي الذي هو مولى النعم كلها عاجلها وآجلها جليلها وحقيرها فيتوجه العارف بجملته حرصا ومحبة إلى جناب القدس ويتمسك بحبل التوفيق ويشتغل سره بذكره والاستمداد به عن غيره والكلام على البسملة من الأسرار والعجائب واللطائف لا يدخل تحت حصر وفي هذا القدر كفاية وبالله التوفيق ( قوله الحمد لله ) آثره على الشكر اقتداء بالكتاب العزيز ولقوله صلى الله عليه وسلم لا يشكر الله من لم يحمده والحمد معناه اللغوي الثنا بالجميل لأجل جميل اختياري سواء كان في مقابلة نعمة أم لا ومعناه العرفي فعل ينبىء عن تعظيم المنعم من حيث أنه منعم على الحامد أو غيره والشكر لغة هو الحمد العرفي وعرفا صرف العبد جيمع ما أنعم الله به عليه فيما خلق لأجله أي أن يصرف جميع الأعضاء والمعاني التي أنعم الله عليه بها في الطاعات التي طلب استعمالها فيها فإن استعملها في أوقات مختلفة سمى شاكرا أو في وقت واحد سمي شكورا وهو قليل لقوله تعالى { وقليل من عبادي الشكور } وصور ذلك العلامة الشبراملسي بمن حمل جنازة متفكرا في مصنوعات الله ناظرا لما بين يديه لئلا يزل بالميت ماشيا برجليه إلى القبر شاغلا لسانه بالذكر وأذنيه باستماع ما فيه ثواب كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأقسام الحمد أربعة حمدان قديمان وهما حمد الله نفسه نحو الحمد لله الذي خلق السموات والأرض وحمده بعض عباده كقوله تعالى في أيوب { نعم العبد إنه أواب } وحمدان حادثان وهما حمدنا له تعالى وحمد بعضنا لبعض وينقسم الحمد إلى واجب كالحمد في الصلاة وفي خطبة الجمعة وإلى مندوب كالحمد في خطبة النكاح وفي ابتداء الدعاء وبعد الأكل والشرب وفي ابتداء الكتب المصنفة وفي ابتداء درس المدرسين وقراءة الطالبين بين يدي المعلمين وإلى مكروه كالحمد في الأماكن المستقذرة كالمجزرة والمزبلة ومحل الحاجة وإلى حرام كالحمد عند الفرح بالوقوع في معصية واعلم أنه جاء في فضل الحمد أحاديث كثيرة روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الله عز وجل يحب أن يحمده وأخرج الديلمي مرفوعا أن الله يجب الحمد يحمد به ليثيب حامده وجعل الحمد لنفسه ذكرا ولعباده ذخرا وفي البدر المنير عنه عليه السلام حمد الله أمان للنعمة من زوالها وعنه صلى الله عليه وسلم من لبس ثوبا فقال الحمد لله الذي كساني هذا الثوب من غير حول مني ولا قوة غفر له ما تقدم من ذنبه وأفضل المحامد أن يقول العبد الحمد لله حمدا يوافي نعمه ويكافيء مزيده لما ورد أن الله تعالى لما أهبط أبانا آدم إلى الأرض قال يا رب علمني المكاسب وعلمني كلمة تجمع لي فيها المحامد فأوحى الله إليه أن قل ثلاثا عند كل صباح ومساء الحمد لله حمدا يوافى نعمه ويكافىء مزيده ولهذا لو حلف إنسان ليحمدن الله بمجامع المحامد بر بذلك وقال بعض العارفين الحمد لله ثمانية أحرف كأبواب الجنة فمن قالها عن صفاء قلب استحق أن يدخل الجنة من أيها شاء أي فيخير بينها إكراما له ولكن لا يختار إلا الذي سبق في علمه أن يدخل منه ( قوله الفتاح ) هو من أسماء الله الحسنى وهو من صيغ المبالغة ومعناه الذي يفتح خزائن الرحمة على أصناف البرية وقيل الحاكم بين الخلائق من ____________________
(1/5)
الفتح بمعنى الحكم وقيل الذي يعينك عند الشدائد وينميك صنوف العوائد وقيل الذي فتح على النفوس باب توفيقه وعلى الأسرار باب تحقيقه وحظ العبد من هذا الاسم أن يجتهد حتى يفتح على قلبه في كل ساعة بابا من أبواب الغيب والمكاشفات والخيرات والمسرات ومن قرأه إثر صلاة الفجر إحدى وسبعين مرة ويده على صدره طهر قلبه وتنور سره ويسر أمره وفيه سر عظيم لتيسير الرزق وغيره اه من شرح أسماء الله الحسنى ( قوله الجواد ) هو السخي كما في القاموس ومعناه الكريم المتفضل على عباده بالنوال قبل السؤال وفي التحفة ما نصه الجواد بالتخفيف كثير الجود أي العطاء واعترض بأنه ليس فيه توقيف أي وأسماؤه تعالى توقيفية على الأصح وأجيب عنه بأن فيه مرسلا اعتضد بمسند بل روى أحمد والترمذي وابن ماجة حديثا طويلا فيه بأني جواد ماجد اه بحذف ( قوله المعين على التفقه في الدين إلخ ) أي الموفق لمن اختاره من عباده عليه لقوله عليه السلام من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين والتفقه التفهم شيئا فشيئا لأن الفقه معناه لغة الفهم كما سيأتي والدين ما شرعه الله تعالى من الأحكام على لسان نبيه عليه الصلاة والسلام سمي دينا لأنا ندين له أي ننقاد ( قوله وأشهد إلخ ) أي أعترف بلساني وأذعن بقلبي أن لا معبود بحق موجود إلا الله والشهادة لغة التحقق بالبصر أو البصيرة كالمشاهدة واصطلاحا قول صادر عن علم بمشاهدة بصر أو بصيرة ولما كان من شروط الإسلام ترتيب الشهادتين عطف الشهادة الثانية على الأولى فقال وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله وأتى بالشهادة لحديث كل خطبة ليس فيها تشهد فهي كاليد الجذماء أي مقطوعة البركة أو قليلتها ولما قيل إنه يطلب من كل بادىء في فن أربعة أمور على سبيل الوجوب الصناعي البسملة والحمدلة والتشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وثلاثة على سبيل الندب الصناعي تسمية نفسه وكتابه والإتيان ببراعة الاستهلال وفات الشيخ رحمه الله تعالى هنا من الأمور المندوبة تسمية نفسه ( وقوله شهادة ) مصدر مؤكد لعامله ( وقوله دار الخلود ) هي الجنة ( وقوله المقام المحمود ) هو مقام الشفاعة العظمى في فصل القضاء يحمده فيه الأولون والآخرون ( وقوله صلى الله إلخ ) أي اللهم صل عليه وسلم وأتى بالفعلين بصيغة الماضي رجاء تحقق حصول المسؤول وإنما صلى وسلم المؤلف في أول كتابه امتثالا لأمر الله تعالى في قوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا صلوا } الآية ولما قام على ذلك عقلا ونقلا من البرهان أما نقلا فقوله تعالى { ورفعنا لك ذكرك } أي لا أذكر إلا وتذكر معي وأما عقلا فلأن المصطفى هو الذي علمنا شكر المنعم وكان سببا في كمال هذا النوع الإنساني فاستوجب قرن شكره بشكر المنعم عملا بالحديث القدسي عبدي لم تشكرني إذا لم تشكر من أجريت النعمة على يديه ولا شك بأنه صلى الله عليه وسلم الواسطة العظمى لنا في كل نعمة بل هو أصل الإيجاد ل
تم إعداد هذا الملف آليا بواسطة المكتبة الشاملة
حاشية إعانة الطالبين على حل ألفاظ فتح المعين لشرح قرة العين بمهمات الدين أبي بكر ابن السيد محمد شطا الدمياطي سنة الولادة / سنة الوفاة تحقيق الناشر دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع سنة النشر مكان النشر بيروت عدد الأجزاء
كتاب إعانة الطالبين | 1 ____________________
(1/1)
المقدمة الحمد لله الذي أوضح الطريق للطالبين وسهل منهج السعادة للمتقين وبصر بصائر المصدقين بسائر الحكم والأحكام في الدين ومنحهم أسرار الإيمان وأنوار الإحسان واليقين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك الحق المبين وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله الصادق الوعد الأمين القائل من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد فيقول أفقر الورى إلى ربه ذي العطا أبو بكر ابن المرحوم محمد شطا إنه لما وفقني الله تعالى لقراءة شرح العالم العلامة العارف الكامل مربي الفقراء والمريدين والأفاضل الجامع لأصناف العلوم الحاوي لمكارم الأخلاق مع دقائق الفهوم الشيخ زين الدين ابن الشيخ عبد العزيز ابن العلامة الشيخ زين الدين مؤلف هداية الأذكياء إلى طريق الأولياء ابن الشيخ علي ابن الشيخ أحمد الشافعي المليباري الفناني المسمى بفتح المعين بشرح قرة العين بمهمات الدين بمحفل من طلاب العلم العظام تجاه البيت الحرام كتبت عليه هوامش تحل مبناه وتبين معناه ثم بعد تمام القراءة طلب مني جملة من الأصدقاء والخلان أصلح الله لي ولهم الحال والشان تجريد تلك الهوامش وجمعها فامتنعت من ذلك لعلمي بأني لست ممن يرقى تلك المسالك واعترافي بقلة بضاعتي وإقراري بعدم أهليتي فلما كرروا علي الطلب توسلت بسيد العجم والعرب فجاءت البشارة بالإشارة وشرعت في التجريد والجمع مستعينا بالملك الوهاب وملتمسا منه التوفيق وللصواب رجاء أن يكون تذكرة لي وللأحباب وأن ينفعني به والأصحاب فالله هو المرجو لتحقيق رجاء الراجين وإنجاح حاجات المحتاجين وسميته إعانة الطالبين على حل ألفاظ فتح المعين واعلم أيها الواقف على الجمع المذكور أنه ليس لي فيه إلا النقل من كلام الجمهور والإتيان في ذلك بالشيء المقدور فالميسور كما قيل لا يسقط بالمعسور وأن عمدتي في ذلك التحفة وفتح الجواد شرح الإرشاد والنهاية وشرح الروض وشرح المنهج وحواشي ابن قاسم وحواشي الشيخ علي الشبراملسي وحواشي البجيرمي وغير ذلك من كتب المتأخرين وكثيرا ما أترك العزو خوفا من التطويل ثم ما رأيته من صواب في أي مطلب فهو من تحرير الأئمة أهل المذهب وما رأيته من خطأ فمن تخليط حصل مني أو وهم صدر من سوء فهمي فالمسؤول ممن عثر على شيء من الخلل أن يصلحه ويسامح فيما قد يظهر من الزلل وما أحسن ما قيل وإن تجد عيبا فسد الخللا فجل من لا عيب فيه وعلا 4 ____________________
(1/2)
ونسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يوفقنا لمرضاته ويسبل علينا ذيل كراماته وأن يعيننا على الإكمال وأن ينفع به كما نفع بأصله إنه ذو الجود والإفضال وأن يجعل ذلك خالصا لوجهه الكريم وموجبا للفوز لديه بجنات النعيم إنه على ذلك قدير وبالإجابة جدير وها أنا أشرع في المقصود بعون الملك المعبود فأقول وبالله التوفيق لأحسن الطريق ( قوله بسم الله الرحمن الرحيم ) قد أفردها بالتأليف من لا يحصى من العلماء وأبدى فيها وأبدع من لا يستقصى من النبلاء ومع ذلك ما بلغوا معشار ما انطوت عليه من لطائف الأسرار ونكات التفسير إذ لا يحيط بتفضيله وجمله إلا اللطيف الخبير كيف ذلك وقد قال الإمام علي كرم الله وجهه لو طويت لي وسادة لقلت في الباء من بسم الله الرحمن الرحيم وقر سبعين بعيرا وفي رواية عنه لو شئت لأوقرت لكم ثمانين بعيرا من معنى بسم الله الرحمن الرحيم ولكن ينبغي التكلم عليها من جنس الفن المشروع فيه وفاء بحقها وبحق الفن المشروع فيه والآن الشروع في فن الفقه الباحث عن الأحكام الشرعية فيقال البسملة مطلوبة في كل أمر ذي بال أي حال يهتم به شرعا بحيث لا يكون محرما لذاته ولا مكروها كذلك ولا من سفاسف الأمور أي محقراتها فتحرم على المحرم لذاته كالزنا لا لعارض كالوضوء بماء مغصوب وتكره على المكروه لذاته كالنظر لفرج زوجته لا لعارض كأكل البصل ولا تطلب على سفاسف الأمور ككنس زبل صونا لاسمه تعالى عن اقترانه بالمحقرات والحاصل أنها تعتريها الأحكام الخمسة الوجوب كما في الصلاة عندنا معاشر الشافعية والاستحباب عينا كما في الوضوء والغسل وكفاية كما في أكل الجماعة وكما في جماع الزوجين فتكفي تسمية أحدهما كما قال الشمس الرملى أنه الظاهر والتحريم في المحرم الذاتي والكراهة في المكروه الذاتي والإباحة في المباحات التي لا شرف فيها كنقل متاع من مكان إلى آخر كذا قيل وإنما افتتح الشارح كتابه بالبسملة اقتداء بالكتاب العزيز وعملا بقوله صلى الله عليه وسلم كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم فهو أبتر أو أقطع أو أجذم والمعنى على كل أنه ناقص وقليل البركة وقلة البركة في كل شيء بحسبه فقلتها في نحو التأليف قلة انتفاع الناس به وقلة الثواب عليه وفي نحو الأكل قلة انتفاع الجسم به وفي نحو القراءة قلة انتفاع القارىء بها لوسوسة الشيطان له حينئذ وأتبع ذلك بالحمدلة عملا بقوله صلى الله عليه وسلم كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بالحمد لله فهو أبتر أو أقطع أو أجذم وقوله في الحديث فهو أبتر إلخ هو عند الجمهور من باب التشبيه البليغ وعلى هذا فالأبتر وما بعده باقية على معانيها الحقيقية وعند السعد يجوز أن يكون من باب الاستعارة بأن يشبه النقص المعنوي بالنقص الحسي الذي هو قطع الذنب أو قطع إحدى اليدين أو الجذم بفتحتين ويستعار البتر أو الجذم أو القطع للنقص المعنوي ويشتق منه أبتر أو أقطع أو أجذم بمعنى ناقص نقصا معنويا فإن قلت بين الحديثين تعارض لأنه إن عمل بحديث البسملة فات العمل بحديث الحمدلة وإن عمل بحديث الحمدلة فات العمل بالآخر قلت قد ذكر العلماء لدفع التعارض أوجها كثيرة فمن جملتها أن الابتداء قسمان حقيقي وإضافي أي نسبي والأول هو ما تقدم أمام المقصود ولم يسبقه شيء والإضافي ما تقدم أمام المقصود وإن سبقه شيء وقال عبد الحكيم إنه يشترط في الإضافي أن يسبقه شيء وحمل حديث البسملة على الأول والحمدلة على الثاني تأسيا بالكتاب العزيز وعملا بالإجماع واعلم أنه جاء في فضل البسملة أحاديث كثيرة غير الحديث المتقدم روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال أول ما كتب القلم بسم الله الرحمن الرحيم فإذا كتبتم كتابا فاكتبوها أوله وهي مفتاح كل كتاب أنزل ولما نزل بها جبريل أعادها ثلاثا وقال هي لك ولأمتك فمرهم أن لا يدعوها في شيء من أمورهم فإني لم أدعها طرفة عين مذ نزلت على أبيك آدم وكذلك الملائكة وروي أنها لما نزلت هرب الغيم إلى المشرق وسكنت الرياح وهاج البحر وأصغت البهائم بآذانها ورجمت الشياطين وحلف الله بعزته وجلاله أن لا يسمى اسمه على مريض إلا شفاه ولا يسمى اسمه على شيء إلا بارك فيه وروي أن رجلا قال بحضرته صلى الله عليه وسلم تعس الشيطان فقال له عليه الصلاة والسلام لا تقل ذلك فإنه يتعاظم عنده أي عند هذا القول ولكن قل ____________________
(1/3)
بسم الله الرحمن الرحيم فإنه يصغر حتى يصير أقل من ذبابة وروي من أراد أن يحيا سعيدا ويموت شهيدا فليقل عند ابتداء كل شيء بسم الله الرحمن الرحيم أي كل شيء ذي بال بدليل الحديث المتقدم وروي بسم الله الرحمن الرحيم أم القرآن وهي أم الكتاب وهي السبع المثاني قال العلامة الصبان في رسالته على البسملة لعل وصفها بهذا باعتبار اشتمالها على معاني الفاتحة اه وعدد حروف البسملة الرسمية تسعة عشر حرفا وعدد خزنة النار تسعة عشر خازنا كما قال الله تعالى { عليها تسعة عشر } قال ابن مسعود فمن أراد أن ينجيه الله من الزبانية التسعة عشر فليقرأ البسملة فيجعل الله له بكل حرف منها جنة بضم الجيم أي وقاية من كل واحد منهم فإنهم يقولونها في كل أفعالهم فبها قوتهم وبها استضلعوا وعن علي رضي الله عنه مرفوعا ما من كتاب يلقى في الأرض وفيه بسم الله الرحمن الرحيم إلا بعث الله ملائكة يحفون عليها بأجنحتهم حتى يبعث الله وليا من أوليائه يرفعه فمن رفع كتابا من الأرض فيه البسملة رفع الله اسمه في أعلى عليين وغفر له ولوالديه ببركتها وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال من قرأ بسم الله الرحمن الرحيم وكان مؤمنا سبحت معه الجبال إلا أنه لا يسمع تسبيحها وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال إذا قال العبد بسم الله الرحمن الرحيم قالت الجنة لبيك اللهم وسعديك إلهي إن عبدك فلانا قال بسم الله الرحمن الرحيم اللهم زحزحه عن النار وأدخله الجنة وروي أن الكتب المنزلة من السماء إلى الأرض مائة وأربعة أنزل على شيث ستون وعلى إبراهيم ثلاثون وعلى موسى قبل التوراة عشرة والتوراة والإنجيل والزبور والفرقان وأن معاني كل الكتب مجموعة في القرآن ومعانيه مجموعة في الفاتحة ولهذا سميت أم الكتاب ومعانيها مجموعة في البسملة ومعانيها مجموعة في بائها ومعناها بي كان ما كان وبي يكون ما يكون والمراد الجمع ولو إجمالا بطريق الإيماء وإنما جمعت الفاتحة جميع معاني القرآن لأن كل ما فيه من الحمد والشكر والثناء فهو مندرج تحت قوله الحمد لله وكل ما فيه من الخلائق فهو تحت كلمة رب العالمين وكل ما فيه من الرحمة والعطاء فهو تحت كلمة الرحمن وكل ما فيه من ذكر العفو والمغفرة فهو تحت كلمة الرحيم وكل ما فيه من أوصاف القيامة فهو تحت كلمة مالك يوم الدين وكل ما فيه من بيان الهداية والدعاء والثبات على الإسلام فهو تحت كلمة إهدنا الصراط المستقيم وكل ما فيه من بيان صفات الصالحين فهو تحت كلمة صراط الذين أنعمت عليهم وكل ما فيه من الغضب فهو تحت كلمة غير المغضوب عليهم وكل ما فيه من ذكر الأهواء والبدع فهو تحت كلمة ولا الضالين ووجه بعضهم كون معاني البسملة في الباء بأن المقصود من كل العلوم وصول العبد إلى الرب هذه الباء لما فيها من معنى الإلصاق تلصق العبد بجناب الرب زاد بعضهم ومعاني الباء في نقطتها ومعناها أنا نقطة الوجود المستمد مني كل موجود وروي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال البسملة فاتحة كل كتاب وفي رواية بسم الله الرحمن الرحيم مفتاح كل كتاب فإن قيل إن هذه الرواية والتي قبلها يفهمان أن كل كتاب أنزل مشتمل على معاني القرآن لأنه مشتمل على البسملة المشتملة على معاني الفاتحة المشتملة على معاني القرآن والرواية التي قبلهما تفهم خلاف ذلك بل تفهم أنها لم توجد في غير القرآن رأسا فالجواب أن البسملة المفتتح بها كل الكتب المنزلة لم تكن بهذا اللفظ العربي على هذا الترتيب والمفتتح بها القرآن المجيد بهذا اللفظ العربي على هذا الترتيب ويجوز أن يكون لكونها بهذا اللفظ العربي وهذا الترتيب لها دخل في اشتمالها على معاني القرآن فلا يلزم حينئذ من اشتمال الكتب عليها بغير هذا اللفظ وهذا الترتيب اشتمال كل كتاب على معاني القرآن ولا يرد ما وقع في سورة النمل عن سيدنا سليمان في كتابه لبلقيس من أنها بهذا اللفظ العربي وهذا الترتيب لأن ذلك كان ترجمة عما في كتابه لها ومما يتعلق بالبسملة من المعاني الدقيقة ما قيل إن الباء بهاء الله والسين سناء الله والميم مجد الله وقيل الباء بكاء التائبين والسين ____________________
(1/4)
سهو الغافلين والميم مغفرته للمذنبين وقال بعض الصوفية الله لأهل الصفاء الرحمن لأهل الوفاء الرحيم لأهل الجفاء والحكمة في أن الله سبحانه وتعالى جعل افتتاح البسملة بالباء دون غيرها من الحروف وأسقط الألف من اسم وجعل الباء في مكانها أن الباء حرف شفوي تنفتح به الشفة ما لا تنفتح بغيره ولذلك كان أول انفتاح فم الذرة الإنسانية في عهد ألست بربكم بالباء في جواب بلى وأنها مكسورة أبدا فلما كانت فيها الكسرة والانكسار في الصورة والمعنى وجدت شرف العندية من الله تعالى كما قال أنا عند المنكسرة قلوبهم بخلاف الألف فإن فيها ترفعا وتكبرا وتطاولا فلذلك أسقطت وخصت التسمية بلفظ الجلالة ولفظ الرحمن ولفظ الرحيم ليعلم العارف أن المستحق لأن يستعان به في جميع الأمور هو المعبود الحقيقي الذي هو مولى النعم كلها عاجلها وآجلها جليلها وحقيرها فيتوجه العارف بجملته حرصا ومحبة إلى جناب القدس ويتمسك بحبل التوفيق ويشتغل سره بذكره والاستمداد به عن غيره والكلام على البسملة من الأسرار والعجائب واللطائف لا يدخل تحت حصر وفي هذا القدر كفاية وبالله التوفيق ( قوله الحمد لله ) آثره على الشكر اقتداء بالكتاب العزيز ولقوله صلى الله عليه وسلم لا يشكر الله من لم يحمده والحمد معناه اللغوي الثنا بالجميل لأجل جميل اختياري سواء كان في مقابلة نعمة أم لا ومعناه العرفي فعل ينبىء عن تعظيم المنعم من حيث أنه منعم على الحامد أو غيره والشكر لغة هو الحمد العرفي وعرفا صرف العبد جيمع ما أنعم الله به عليه فيما خلق لأجله أي أن يصرف جميع الأعضاء والمعاني التي أنعم الله عليه بها في الطاعات التي طلب استعمالها فيها فإن استعملها في أوقات مختلفة سمى شاكرا أو في وقت واحد سمي شكورا وهو قليل لقوله تعالى { وقليل من عبادي الشكور } وصور ذلك العلامة الشبراملسي بمن حمل جنازة متفكرا في مصنوعات الله ناظرا لما بين يديه لئلا يزل بالميت ماشيا برجليه إلى القبر شاغلا لسانه بالذكر وأذنيه باستماع ما فيه ثواب كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأقسام الحمد أربعة حمدان قديمان وهما حمد الله نفسه نحو الحمد لله الذي خلق السموات والأرض وحمده بعض عباده كقوله تعالى في أيوب { نعم العبد إنه أواب } وحمدان حادثان وهما حمدنا له تعالى وحمد بعضنا لبعض وينقسم الحمد إلى واجب كالحمد في الصلاة وفي خطبة الجمعة وإلى مندوب كالحمد في خطبة النكاح وفي ابتداء الدعاء وبعد الأكل والشرب وفي ابتداء الكتب المصنفة وفي ابتداء درس المدرسين وقراءة الطالبين بين يدي المعلمين وإلى مكروه كالحمد في الأماكن المستقذرة كالمجزرة والمزبلة ومحل الحاجة وإلى حرام كالحمد عند الفرح بالوقوع في معصية واعلم أنه جاء في فضل الحمد أحاديث كثيرة روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الله عز وجل يحب أن يحمده وأخرج الديلمي مرفوعا أن الله يجب الحمد يحمد به ليثيب حامده وجعل الحمد لنفسه ذكرا ولعباده ذخرا وفي البدر المنير عنه عليه السلام حمد الله أمان للنعمة من زوالها وعنه صلى الله عليه وسلم من لبس ثوبا فقال الحمد لله الذي كساني هذا الثوب من غير حول مني ولا قوة غفر له ما تقدم من ذنبه وأفضل المحامد أن يقول العبد الحمد لله حمدا يوافي نعمه ويكافيء مزيده لما ورد أن الله تعالى لما أهبط أبانا آدم إلى الأرض قال يا رب علمني المكاسب وعلمني كلمة تجمع لي فيها المحامد فأوحى الله إليه أن قل ثلاثا عند كل صباح ومساء الحمد لله حمدا يوافى نعمه ويكافىء مزيده ولهذا لو حلف إنسان ليحمدن الله بمجامع المحامد بر بذلك وقال بعض العارفين الحمد لله ثمانية أحرف كأبواب الجنة فمن قالها عن صفاء قلب استحق أن يدخل الجنة من أيها شاء أي فيخير بينها إكراما له ولكن لا يختار إلا الذي سبق في علمه أن يدخل منه ( قوله الفتاح ) هو من أسماء الله الحسنى وهو من صيغ المبالغة ومعناه الذي يفتح خزائن الرحمة على أصناف البرية وقيل الحاكم بين الخلائق من ____________________
(1/5)
الفتح بمعنى الحكم وقيل الذي يعينك عند الشدائد وينميك صنوف العوائد وقيل الذي فتح على النفوس باب توفيقه وعلى الأسرار باب تحقيقه وحظ العبد من هذا الاسم أن يجتهد حتى يفتح على قلبه في كل ساعة بابا من أبواب الغيب والمكاشفات والخيرات والمسرات ومن قرأه إثر صلاة الفجر إحدى وسبعين مرة ويده على صدره طهر قلبه وتنور سره ويسر أمره وفيه سر عظيم لتيسير الرزق وغيره اه من شرح أسماء الله الحسنى ( قوله الجواد ) هو السخي كما في القاموس ومعناه الكريم المتفضل على عباده بالنوال قبل السؤال وفي التحفة ما نصه الجواد بالتخفيف كثير الجود أي العطاء واعترض بأنه ليس فيه توقيف أي وأسماؤه تعالى توقيفية على الأصح وأجيب عنه بأن فيه مرسلا اعتضد بمسند بل روى أحمد والترمذي وابن ماجة حديثا طويلا فيه بأني جواد ماجد اه بحذف ( قوله المعين على التفقه في الدين إلخ ) أي الموفق لمن اختاره من عباده عليه لقوله عليه السلام من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين والتفقه التفهم شيئا فشيئا لأن الفقه معناه لغة الفهم كما سيأتي والدين ما شرعه الله تعالى من الأحكام على لسان نبيه عليه الصلاة والسلام سمي دينا لأنا ندين له أي ننقاد ( قوله وأشهد إلخ ) أي أعترف بلساني وأذعن بقلبي أن لا معبود بحق موجود إلا الله والشهادة لغة التحقق بالبصر أو البصيرة كالمشاهدة واصطلاحا قول صادر عن علم بمشاهدة بصر أو بصيرة ولما كان من شروط الإسلام ترتيب الشهادتين عطف الشهادة الثانية على الأولى فقال وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله وأتى بالشهادة لحديث كل خطبة ليس فيها تشهد فهي كاليد الجذماء أي مقطوعة البركة أو قليلتها ولما قيل إنه يطلب من كل بادىء في فن أربعة أمور على سبيل الوجوب الصناعي البسملة والحمدلة والتشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وثلاثة على سبيل الندب الصناعي تسمية نفسه وكتابه والإتيان ببراعة الاستهلال وفات الشيخ رحمه الله تعالى هنا من الأمور المندوبة تسمية نفسه ( وقوله شهادة ) مصدر مؤكد لعامله ( وقوله دار الخلود ) هي الجنة ( وقوله المقام المحمود ) هو مقام الشفاعة العظمى في فصل القضاء يحمده فيه الأولون والآخرون ( وقوله صلى الله إلخ ) أي اللهم صل عليه وسلم وأتى بالفعلين بصيغة الماضي رجاء تحقق حصول المسؤول وإنما صلى وسلم المؤلف في أول كتابه امتثالا لأمر الله تعالى في قوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا صلوا } الآية ولما قام على ذلك عقلا ونقلا من البرهان أما نقلا فقوله تعالى { ورفعنا لك ذكرك } أي لا أذكر إلا وتذكر معي وأما عقلا فلأن المصطفى هو الذي علمنا شكر المنعم وكان سببا في كمال هذا النوع الإنساني فاستوجب قرن شكره بشكر المنعم عملا بالحديث القدسي عبدي لم تشكرني إذا لم تشكر من أجريت النعمة على يديه ولا شك بأنه صلى الله عليه وسلم الواسطة العظمى لنا في كل نعمة بل هو أصل الإيجاد ل